عين اليمن على جنوب اليمن

حوار في الكويت الشقيق وتفاهمات القوى السياسية اليمنية الى أين؟

بقلم : أ٠د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور
حينما أعلن السيد / إسماعيل ولد الشيخ مبعوث الامم المتحدة الى اليمن عن مبادرته ببدء وقف إطلاق النار بتاريخ 10/4/2016م ، قبيل بدء الحوار المزمع إدارته في دولة الكويت الشقيق بتاريخ 18/4/2016م ، إستبشر الشعب اليمني والعالم خيراً بالمبادرة الجديدة ، وانا كُنت أحد هؤلاء المستبشرين والمتفائلين بنجاح هذه الجولة هذه المرة لأسباب عديدة ابرزها:
أولاً : ان دول العدوان استعادت وعيها بقبول الحلول السلمية في الأزمة اليمنية كون الحل العسكري لم يجدي نفعاً مع صمود الشعب اليمني وطليعته السياسيتين المقاومتين ، المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وانصار الله وحلفائه ، وقوتهما الضاربة في جبهات القتال وهما طلائع الجيش اليمني واللجان الشعبية.
ثانياً: الضغط العالمي النسبي وبروز مواقف جدية من قبل المؤسسات الدولية والعالمية في كلٍ من أوروبا والولايات المتحدة ومن بقية دول العالم المنددة بالعدوان على المدنيين، والمطالبات المتكررة بمنع تصدير الأسلحة الى المملكة العربية السعودية باعتبارها تقود دول العدوان على الشعب اليمني ، وكانت لمشاهد وصور الضحايا من المدنيين بالمئات في الاسواق والطرقات والاعراس ، أثرها الملموس في الرأي العام الدولي ، وحتى من باب إسقاط الواجب ٠
ثالثاً: سبقت المبادرة الأممية الجديدة تفاهمات ولقاءات مباشرة بين ممثلين عن الحكومة اليمنية ويمثلهم أنصار الله وممثلين عن حكومة المملكة العربية السعودية بهدف فتح ثقب في جدار الحاجز النفسي القائم بين الاشقاء صنعته الحرب وقوى مستفيدة من هذا الوضع ، ونتجت عن هذه اللقاءات تبادل الأسرى والجثامين وتهدئة على الحدود بين اليمن والسعودية ، وكنا نعتقد بان بداية الحل قد بدء من هنا٠
لكن المراقب المحايد سيجد ان الحالة التفائلية التي عمت الساحتين اليمنية والعالمية كانت مُبالَغ فيها ، وان بداية الحل لازال مشواره يحتاج لوقت اكثر لمزيد من المشاورات الدبلوماسية تحت الطاولة وفوقها، او ان أحد طرفي معادلة القتال يحسم الأمر عسكرياً على ارض المعركة لصالحه ، ومن هنا سينتهي الأمر بفرض شروط المنتصر ٠
ومن خلال المعطيات الجيوستراتيجية ، مدعمة بمعطيات الجغرافيا والتاريخ والسوسولوجيا اليمنية ، فإن قضية حسم المعركة عسكرياً في الواقع هي عملية مستحيلة لو إستمرت الحرب سنوات ، والخاسر الأكبر وربما الوحيد من إطالة أمد الحرب هو الشعب اليمني وجيرانه نسبياً ، اما الكاسبين منها فهم كثر بدأً بتجار الحروب من كل الأطراف ، مروراً بمن يقتاتوا على فتات الريالات والقاطنين بالفنادق والشاليهات بعواصم بلدان الجوار العروبي ، وكذلك شركات مصانع السلاح والعتاد الحربي في كل الدول الصناعية ، الدول الغربية ( الحره ) دون إستثناء ، وبعض من الأمراء الجدد الصانعين لمجدهم القادم المخضب بدماء اليمنيين الأبرياء ، وبطبيعة الحال التنظيمات الإرهابية المستفيدة من إنشغال الكل بالكل وهما تنظيم القاعدة وداعش ٠
ولهذا علينا ان لا نتعجل في الإفراط بالتفائُل بنجاح حوار الكويت للأسباب الآتية :
أولاً: مُنذ اعلان مبادرة الامم المتحدة بوقف إطلاق النار في 10ابريل من هذا الشهر وطيران العدوان لم يتخلف لحظة واحدة عن سماء اليمن ، وصنعاء على وجه الخصوص ، ولم تتوقف محاولات مرتزقة الرياض في كل جبهات تعز ، شبوه ، مأرب ، نهم ، لحج والجوف ، الغريب في الأمر إستمر قصف طيران العدوان على صنعاء حتى في أثناء وجود السيد/ إسماعيل ولد الشيخ ضيفاً في أحد فنادقها ، وكأن آل سعود لاتعنيهم منظمة الأمم المتحدة في شيء ، كما كانت تفعل إسرائيل في إعتدائها على أهلنا في فلسطين ، سبحان الله كم هي الحياة سخية في تقديم الأمثلة الصادمة لكل ذي لُب وعقل.
ثانياً: الفريق اليمني القادم من مدينة الرياض لا يمتلك أية صلاحية في إتخاذ أي قرار بشان إيقاف العدوان او إستمراره ، وسيتكرر مشهد لقاء جنيف 1 ، وجنيف 2 ، التي لم تٰسفر عن أية نتيجة تذكر، سوى من إلتقاط صور تذكارية كاذبه للمتحاورين وابتسامات خادعه ، وفي نهاية كل لقاء يقدم المبعوث الأممي تقريره الدوري الى مجلس الأمن الذي انحاز كثيراً في كل تاريخه الى الظالم المعتدي ولم نسمع ولم نقرأ له الا النزر اليسير من المواقف المنصفة ، لان حسابات الكبار لا تدخل فيها مصالح الشعوب المقموعة أصلاً ٠
تذكروا معي جيداً، ان التفاهم المباشر والوحيد كان بين أنصار الله والسعوديين حول الأسرى والجثامين والتهدئة على جبهات ميدي وصعده والربوعه ، وهي الجبهات التي صمد فيها الهدنة والهدوء والأمن النسبي هناك٠
ثالثاً: فريق الامم المتحدة برآسة السيد/ إسماعيل ولد الشيخ والذي يُعد الميسر والمنظم للحوار المزمع عقده بالكويت لا يُحظى بتقدير وإحترام السعودية والإمارات وهما من يقود الحلف العدواني ، والدليل انه في ليلة وضع اللمسات الاخيرة للنقاط العشرين للتهيئة للتهدئة ووقف إطلاق النار والدخول بالحوار المباشر في الكويت ، في هذه اللحضات وطائرات F16 ، والتورنادو والأباتشي تقصف المدن اليمنية وبضمنها العاصمة صنعاء ، وهذا مؤشر لعدم الإكتراث بوجوده ولا برأيه ، ولم تتوفر الجدية الكافية في إيقاف إطلاق النار وهذا ما حَدَث تماماً ٠
رابعاً :
أعلن الفريق الممثل للمؤتمر الشعبي العام وأنصار الله الذاهب للحوار بالكويت إلتزامه بالنقاط العشرين مع وضع الملاحظات السياسية والعسكرية عليها ، مع الالتزام بوقف إطلاق النار والرسالة الأخيرة الموجهة لممثل الامين العام المُحذرة من الخروقات والتجاوزات الامنية الخطيرة في كل الجبهات . وربما ان هذه الخروقات والتجاوزات الفاضحة تمنع إلتآم المتحاورين بالكويت قريباً ٠
خامساً :
تابعنا عبر وسائل الإعلام المختلفة إنسحاب الوحدات العسكرية المُعتدية من دولة الإمارات العربية المتحدة ، نتيجة تباين وجهة نظرهم مع السعودية ، وقرروا أمرين :
( أ ) الانسحاب الكلي من أراضي الجمهورية اليمنية لأسباب متعددة .
( ب ) طلب المساعدة العسكرية من الولايات المتحدة الامريكية بالتدخل في اليمن لمحاربة داعش وتنظيم القاعده ، وهذا اول اعتراف صريح بان أجزاء من اليمن تقع تحت سيطرتهم كمحتلين جدد في الأرض اليمنية او تحت حلفائهم من التنظيمات الإرهابية ، لكن الأغرب من هذا ان السعودية طلبت من المملكة الاردنية الهاشمية الشقيقة ان ترسل بجيش ليحل محل قوات الإمارات المنسحبة ، والمصاريف تتحمله دويلة قطر ٠
نحن إذاً نعيش في آخر الزمان كما يقولون ، بعض الجيوش العربية هي تحت الطلب كمقاولة أو ( كمرتزقة ) لتنفيذ المهام الموكلة لها في قتل الشعب اليمني !!! ، والمهم ان هناك جهة دافعة للمصاريف المالية للجيش القادم ، وهكذا نحن في زمن الأعاجيب اللا معقولة للحكام الأعراب ، يتحركون بمشيئة المال لا أكثر٠
ما يميز الحوار المنتظر والقادم بدولة الكويت الشقيقة في انها مكان ملائم ومحايد بين الأطراف اليمنية المتصارعة ، وستسهم في تمهيد الملعب السياسي الأخوي للحوار اليمني اليمني البناء بإذن الله ، وستكون الكويت واحة وملاذ آمن للمتحاورين بمعايير أخويه صادقه بين الفرقاء ، وأشقائنا الكويتيين وأميرهم الحكيم / صباح الأحمد الصباح متعه الله بالصحة وطول العمر إتصفوا بالتوازن والحكمة ولهم تجربة رائعة في نزع فتيل الحرب بين شطري اليمن عام 1979م ، بين رئيسي اليمن السابقين ، الرفيق / عبدالفتاح إسماعيل رئيس الشطر الجنوبي من اليمن رحمة الله عليه ، وفخامة الرئيس / علي عبدالله صالح رئيس الشطر الشمالي من اليمن متعه الله بالصحة وأطال الله في عمره ، وأسفر اللقاء عن توقيع أحدى الإتفاقيات الهامة على طريق الوحدة اليمنية المباركة ٠
مَن من الوفود اليمنية القادمة الى الكويت من العاصمة الرياض او العاصمة صنعاء سيضع مصلحة الشعب اليمني نصب عينية ؟ ، ويبداء بانهاء الحرب وفك الحصار والدخول في الموضوعات الاستراتيجية ، ماشراكة الوطنية في إدارة شؤون الحكم ، وإعادة الإعمار ، والمصالحة الوطنية الكبرى ، والقضية الجنوبية وقضية صعده ، والحكم الإتحادي القائم على التوازن ، إنه تحدي كبير لكلا الفريقين وإن غَدٍ لناظره قريب ٠
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾

محافظ محافظة عدن – رئيس جامعة عدن. د. عبدالعزيز بن حبتور

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com