عين اليمن على جنوب اليمن

ماذا حدث في بلحاف.. وهل الانتقالي شريك متآمر أم خارج الحسبة؟

المشهد الجنوبي الأول / تقرير

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة تشغيل منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال من اليمن لتعويض جزء من الغاز الروسي الذي تستورده دول أوروبا بهدف زيادة الحصار الاقتصادي على روسيا، لكن يبدو أن تشديد واشنطن حصارها على موسكو سيكون على حساب اليمنيين والثروات اليمنية من النفط والغاز.

وهذا ما يكشفه خبراء نفط دوليون منهم الخبير اليمني المهندس عبدالسلام التويجي والذي كشف بالأرقام كارثة استئناف تصدير الغاز في المرحلة الحالية وفي ظل الظروف الراهنة مع عدم إنتاج النفط الخام بنفس كفاءة ما تريد أمريكا استخراجه من غاز الأمر الذي سيؤدي بحسب الخبير النفطي إلى تحويل الحوض النفطي في قطاع 18 (قطاع صافر) إلى بركة من النفط لا يمكن الوصول إليها أو استخراجها مجدداً إلا في حالة شراء اليمن 2 تريليون قدم مكعب من الغاز وبالسعر العالمي الحالي نظراً لأن أمريكا وفرنسا تريدان أخذ الكمية المتبقية من الغاز اليمني في صافر بأسرع ما يمكن وبحيث لا يعود هناك أي كمية من الغاز اللازم لاستخراج البترول من حوض صافر (قطاع 18).

ويبدو أن واشنطن تتجه لتنفيذ هذه المؤامرة التي تستهدف الاقتصادي اليمني بما في ذلك الاقتصاد الجنوبي، لجناح عفاش في حزب المؤتمر والذي يبدو أنه على استعداد لإكمال ما بدأه الجيل السابق من نظام عفاش في مطلع القرن الحالي من صفقات فساد بمليارات الدولارات تكبدت فيها اليمن خسائر لا يمكن تعويضها حيث باع علي عبدالله صالح غاز اليمن بـ3 دولار لكل مليون وحدة حرارية في الفترة من 2009 حتى 2013 بينما كان السعر العالمي في تلك الفترة يتراوح بين 12 – 15 دولار لكل مليون وحدة حرارية، ورغم هذا السعر البخس إلا أن الـ3 دولار ليست كلها حصة اليمن حيث نصت الاتفاقية التي عقدها صالح مع شركة توتال الفرنسية وشركائها الآخرين من الشركات الأجنبية والتي كان أبرزها شركة هنت الأمريكية على أن تكون الحصة الأكبر من الإنتاج والبيع لصالح الشركات الأجنبية (توتال وهنت) فيما كانت حصة اليمن هي الحصة الأدنى.

حالياً تريد أمريكا وفرنسا إعادة إنتاج الغاز اليمني وأخذ الكمية المتبقية من الغاز في حوض صافر، والكارثة تكمن في أن هذا الإنتاج سيتم التعامل معه وفقاً للاتفاقية السابقة التي باع فيها صالح غاز اليمن لصالح الغرب بسعر 3 دولار مقابل حصوله على رشوة بـ10 مليون دولار أمريكي رغم أن السعر العالمي حينها كان 12 دولار ثم ارتفع إلى 15، واليوم أصبح السعر العالمي للغاز 45 دولار، وتريد واشنطن وباريس أخذه بسعر 3 دولار.

ويكشف الخبير النفطي التويجي أن شركة توتال خططت هي وشركائها ولوبي الفساد في السلطة في عهد علي صالح وفي عهد الإصلاح وهادي، خططت لنهب حوالي 5 تريليون قدم مكعب من إحتياطي الغاز الذي هو في ملك اليمن وخارج عن الاتفاقيات المبرمة بين الجانب الحكومي والشركات الأجنبية ، فالاتفاقيات حددت منح للشركاء الأجانب في الإتفاقيات لشركة الغاز المسال بلحاف 7.2 تريليون قدم مكعب بوحدة الحجوم خلال عمر المشروع بمعدل تصدير سنوي فقط 5.3 مليون طن بوحدة الأوزان ، وأن تلك الكمية المخطط نهبها من قبل الشركاء الأجانب هي ملك لليمن (منها 2 تريليون قدم مكعب يبقي للوقود والإنكماش في منشات منبع الغاز قطاع ١٨ مارب) – ومنها ما 3 تريليون قدم مكعب مخصص لتشغيل 3 محطات كهرباء غازية بطاقة 600 ميجاوات لمدة 40 سنة خططت توتال وهنت لتصديرها بشكل غير معلن ومعلوم للحكومه وأن اليمن – بعد نهب تلك الكمية وبيعها بأسعار مهوله – لم تستلم سوى مليار دولار فقط وفقاً لأسعار العقود البخسة من قبل الشركاء الأجانب.

كما يؤكد التويجي أنه في حال تم استهداف كمية 3 تريليون قدم مكعب بصفقات مشبوهة – بعد فضح مخطط توتال وهنت – ستضطر اليمن لشراء ما يعادل تلك الكمية (3 تريليون قدم مكعب غاز) من الوحدات الحرارية بالسعر العالمي لتشغيل محطات الكهرباء، وإذا تم الاستغناء عن الغاز وتشغيل المحطات بالمازوت تحتاج اليمن 25 مليار دولار لشرائها ولتشغيل محطات كهرباء تعمل بالديزل تحتاج اليمن 35 مليار دولار لشرائها حسب الأسعار القديمة وستزيد مع إرتفاع الأسعار العالمية الحالية، وتفيد المصادر إلى أن الشركاء الأجانب قامت بمصادرة كمية كبيرة من الغاز البترولي LPG (غاز الطبخ المنزلي ) الذي تسرب من القطاع ١٨ النفطي إلى منشاة بلحاف نتيجة ضعف كفاءة وحدات الفصل والمعالجة للغاز في القطاع النفطي والتي انشئتها هنت بقصد سحب الغاز البترولي ، ورغم مطالب الجانب اليمني باصلاح وتحديث وحدات الفصل رفضت شركة توتال وشركائها الأمريكان التحديث للمعامل ، واستمروا لنهب الغاز البترولي المصاحب الذي تسرب إلى بلحاف والذي تؤكد تقارير رسمية بان قيمة تتجاوز 5 مليار و500 مليون دولار ، بينما قدرت عائدات اليمن من بيع الغاز المسال وفقاً للاسعار السابقة ٣ دولار لكل مليون وحدة حرارية خلال عمر المشروع أي أكثر من ٢٠ عام ، بمبلغ 5 مليار و200 مليون دولار حسب معادلة تلك الأسعار الكارثية ، ومن خلال الأرقام فإن إجمالى عائدات الغاز المسال الذي تم بيعة خلال سنوات ماقبل الحرب عام 2009م إلى عام 2013م، لم يتجاوز 787 مليون دولار وهو مبلغ رمزي ،وارتفع إلى ١.١ مليار دولار مطلع العام ٢٠١٥.

ورغم حجم الكارثة والمصيبة التي قد تحل بالجنوب إزاء هذه العملية المنظمة والتي تشارك فيها أطراف محلية أبرزها حزب المؤتمر الموالي للإمارات، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يبدِ موقفه إزاء هذه التحركات التي بدأت واشنطن بإرسال وفد إلى محافظة شبوة برئاسة مبعوثها إلى اليمن تيم ليندركينغ والذي التقى بالمحافظ الموالي لأبوظبي والقيادي بالمؤتمر عوض الوزير العولقي ثم عقد بوجود العولقي وقيادة القوات الإماراتية اجتماعاً داخل قاعدة قوات أبوظبي في منشأة بلحاف الغازية.

يؤكد مراقبون إنه يتعين على المجلس الانتقالي اتخاذ موقف حازم واستخدام القوة إن تطلب الأمر، لوقف كارثة كالتي يجري الترتيب لها حالياً، وإذا لم يقدم الانتقالي على أي خطوة مهما كانت لمنع ما تسعى الشرعية والمؤتمر وواشنطن لفعله فإن الانتقالي سيؤكد للجميع حينها بأنه فعلاً متحالف في السر مع جناح عفاش بالمؤتمر وأن وظيفته المرسومة مسبقاً من الإمارات تتمثل في تمهيد الأرضية وإدخال عفاش من جديد إلى الجنوب.

الخلاصة: قدوم أمريكا واهتمامها المفاجئ بالغاز اليمني ليس لأجل عيون اليمنيين أو الجنوبيين بل من أجل مصلحتها هي في ضرب روسيا فقط، وتعرضت اليمن لأكبر عملية نهب في التاريخ تمثلت بصفقة الغاز التي ابرمها عفاش وجاء ليكملها هادي والإصلاح والتي لم يحصل اليمن منها إلا على 787 مليون دولار فقط، حالياً تريد أمريكا وفرنسا أخذ باقي الغاز من اليمن بما في ذلك كمية الـ3 تريليون قدم مكعب المخصصة لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية والتي ستولد كهرباء لليمن لمدة 40 سنة والمصيبة أن أمريكا وسلطة هادي ستبيع هذه الكمية بسعر 3 دولار للمليون وحدة حرارية، وإذا أرادت اليمن تشغيل الكهرباء لـ40 سنة تحتاج لشراء 3 تريليون قدم مكعب من الغاز بالسعر العالمي البالغ حتى اليوم أكثر من 45 دولار للمليون وحدة حرارية، وإذا تم تشغيل محطات الكهرباء بالمازوت بدل الغاز تحتاج اليمن لشراء مازوت بقيمة 25 مليار دولار وإذا كان التشغيل بالديزل تحتاج لـ35 مليار دولار.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com