الغارديان: هذه ما تفعله السعودية بأطفال اليمن

المشهد الجنوبي الأول \

نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا للمدير التنفيذي لمنظمة “سيف ذا تشيلدرن” كيفن واتكينز، يتهم فيه التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين بأنه يخنق الاقتصاد ويدمر البلاد، مشيرا إلى أن العائلات المحتاجة بحاجة لأكثر من المساعدة. 

 

ويقول واتكينز: “في عيادة مزدحمة للتغذية في مستشفى السلخانة في الحديدة، وهي واحدة من كبرى المدن اليمنية، كانت هناك 30 أما ينتظرن بصبر المغلوب على أمره حتى يتم قياس طول أبنائهن ووزنهم، وأول ما تلاحظه على عائشة، البالغ عمرها 7 أشهر، هو ساقاها المريضتان وبطنها المنتفخ، ووزنها فقط 3.5 كيلوغرامات، وهو معدل وزن المواليد الجدد في بريطانيا”. 

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أنه عندما قاس الطبيب المنطقة العلوية من ذراع عائشة فإنه سجل النقطة الحمراء، التي تعني حالة من سوء التغذية. 

 

ويعلق واتكينز قائلا إن “هذه ليست المرة الأولى التي تعاني منها عائشة من الجوع، فقبل شهرين قضت عائشة شهرين في المستشفى في وحدة المصابين بحالات سوء تغذية خطيرة وتم إنقاذها، لكنها عادت إلى برنامج الحالات المستعجلة للمساعدة، الذي تشرف عليه منظمة (سيف ذا تشلدرن) مع شقيقتيها، البالغ عمر إحداهن عامين والأخرى ثلاثة أعوام، حيث تقول والدتهن أمينة: (ليس لدي المال لتوفير الغذاء لهن، أو شراء الأدوية لهن، فماذا أفعل؟)”.

 

ويقول الكاتب إن “الحرب في اليمن تقتل أحيانا بطريقة واضحة، حيث خسر أكثر من خمسة آلاف طفل حياتهم، أو أصيبوا بجراح أثناء العمليات العسكرية التي بدأت في عام 2015، وكان بعضهم ضحايا قنابل صنعت في بريطانيا، التي ضربت المدارس والمستشفيات والأماكن العامة، فيما وجد آخرون أنفسهم في المعارك على الجبهات التي تحدد الحرب اليمنية، فالنزاع في اليمن هو بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة الشرعية، بالإضافة إلى قوى متعددة”.

 

ويستدرك واتكينز بأن “القنابل والرصاص ليسا الوحيدين اللذين يقتلان اليمنيين، ولا القصف المدفعي، فإن هذا نزاع يقتلهم بخلسة ومن خلال الخنق الاقتصادي الذي يستخدمه التحالف بقيادة السعودية سلاحا في الحرب، حيث يستهدف الوظائف والبنية التحتية والأسواق والمؤسسات التي تقدم الخدمات الرئيسية، ولا أحد هناك لإحصاء جثث الضحايا، ومقابل كل طفل يموت تحت أنقاض بناية ضربتها (القنابل الذكية) هناك العشرات أو أكثر من الأطفال -مثل عائشة- مهددون بالتجويع الذي يترافق مع الهجوم الاقتصادي”.

 

ويلفت الكاتب إلى أن الأمم المتحدة وصفت اليمن بأنه أسوأ كارثة إنسانية، فثلثا السكان بحاجة لمساعدات عاجلة، فيما ينهار نظام الغذاء بشكل يدفع البلاد إلى حافة المجاعة، بالإضافة إلى أن هناك أكثر من 400 ألف طفل معرضون للموت جوعا، مشيرا إلى أنه “على خلاف عائشة، فإن أيا منهم لن يرى عيادة تغذية أو العلاج، والناجون منهم سيظلون يعانون من آثار نقص التغذية ومشكلات صحية طوال حياتهم”. 

 

ويجد واتكينز أن “الانهيار الاقتصادي كان شرارة للأزمة الاقتصادية، حيث تم استهداف الوظائف والبنى التحتية  والخدمات العامة بطريقة منظمة في الحرب، وضرب طيران التحالف مخازن الطعام والمصانع والبنى الحيوية للنقل، وأدى الهجوم الاقتصادي لأن يعلق الملايين وسط دوامة من زيادة أسعار الطعام والوقود، ونقص فرص العمل، وانخفاض الأجور”. 

 

ويقول الكاتب إن “الشارع السريع، وهو الشريان الوحيد بين الحديدة وصنعاء، يحمل آثار الحرب، وقمت بالرحلة الأسبوع الماضي، حيث أحصيت ثلاثة جسور دمرتها الغارات السعودية، أما الميناء فهو مثل مدينة أشباح، ودمر القصف السعودي خمس رافعات كانت تنقل نسبة 80% من المواد من الاستيراد اليمني الذي تنقله السفن، وخسر 20 ألفا وظائفهم، ومنهم والد عائشة، ولهذا السبب تعيش العائلات المكونة من خمسة أفراد على أقل من 3 دولارات في اليوم”. 

 

وينوه واتكينز إلى أن “الانهيار الاقتصادي ترافق مع انهيار النظام البنكي، وفي عام 2016 قامت السعودية بنقل المصرف المركزي من صنعاء إلى عدن في الجنوب، التي تسيطر عليها الحكومة الموالية لها، وأدى هذا التحرك إلى وقف تمويل الخدمات العامة في المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تاركة 1.8 مليون عامل في الخدمات الصحية والتعليم والنظافة دون رواتب، والمدارس والمستشفيات وغيرها من المؤسسات العامة دون ميزانيات”. 

 

ويقول الكاتب: “يمكن أن تشاهد الآثار على المستشفى العام في عرمان، وهو أهم مستشفى لتحويل الحالات، ويخدم أكثر من مليون مواطن، فلا مضادات حيوية فيها أو تخدير ولا أدوية، ولا يستقبل حالات ولادة طارئة، ويغطي المستشفى تكاليفه من خلال الرسوم المفروضة على المرضى، الذين يجب عليهم شراء الأدوية من شركات خاصة”.

 

ويضيف واتكينز: “حاول أن تتخيل أن المستشفى القريب من بيتك في بريطانيا يعمل دون مضادات حيوية تستطيع الحصول عليها بوصفة من الطبيب العام”.

 

ويفيد الكاتب بأن “السعودية تسمح بدخول كميات قليلة من الطعام والوقود والأدوية إلى الشمال عبر الحديدة، لكن ليس هذا إلا لفتة إنسانية تهدف للحفاظ على لا إبالية الحلفاء الغربيين، إلا أن سياسة الخنق الاقتصادي والحرب تقود البلاد إلى المجاعة التي يصنعها الإنسان، وهناك الكثير من الأطفال اليمنيين يموتون كل يوم بسبب نقص الطعام والدواء ومياه الشرب أكثر ممن يموتون بسبب الحرب”.

 

ويقول واتكينز إن “المجتمع الدولي رد على الأزمة من خلال التعهد بمساعدات إنسانية، وفي بداية الشهر تعهد المانحون بدفع ما بين 2 – 3 مليارات دولار للأمم المتحدة في عام 2018، ومن المفارقة أن السعودية ودول التحالف هي المساهم الأكبر، حيث تدفع لمعالجة الأزمة الإنسانية ومواصلة النزيف الاقتصادي”.

 

ويذهب الكاتب إلى أنه “مع أن المساعدة الإنسانية ضرورية لكنها لا تكفي، فيجب على الدول الغربية، وبينها بريطانيا، عمل المزيد لتحقيق تسوية سياسية، ويجب عليها محاسبة السعودية وأفراد التحالف بارتكاب جرائم حرب محتملة، وخرق للقانون الإنساني، وبيع الأمير محمد بن سلمان في أثناء زيارته إلى لندن  48 مقاتلة حربية يرسل إشارات خاطئة”. 

 

ويرى واتكينز أن “اليمن يحتاج للدعم والمساعدة لبناء استراتيجية مكافحة المجاعة، التي تذهب أبعد من توفير المساعدات إلى إعمار الأسواق والبنى التحتية، وتمويل رواتب عمال الخدمات العامة، وربما أدى البنك الدولي دورا في هذه المجالات، ومع انتشار وباء الكوليرا والخناق/ الدفتيريا فإنه يجب على المانحين زيادة استثماراتهم في المياه النظيفة والصحة”. 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن “هذه الجهود لن تنجح طالما استمرت سياسة الحصار الاقتصادي، التي كادت أن تقتل عائشة، وتقتل الكثير من الأطفال، وهؤلاء لم يتسببوا بهذه الحرب، لكنهم يموتون بسبب الفشل في حمايتهم”.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com