عين اليمن على جنوب اليمن

التقارب بين «الشرعية» وتركيا… تحت مجهر «التحالف»

العربي
التقارب الأخير المعلن بين تركيا والحكومة «الشرعية»، والذي توّج بإشادة الرئيس عبدربه منصور هادي، بالتدخلات التركية في بلاده إنسانياً وإغاثياً، ليس بجديد، غير أن محاولة إبرازه في هذا التوقيت تحديداً ينطوي على رسائل سياسية أراد حزب «التجمع اليمني للإصلاح» – بحسب متابعين – إيصالها لدول «التحالف العربي» تحديداً، عبر سلسلة إشارات، آخرها لقاء هادي، الأحد، بسفير أنقرة لدى صنعاء، مفادها بأننا قادرون على الصعود إلى قطار آمن آخر حال وصلت الأمور بيننا إلى طريق مسدود.
مبالغات
مراقبون للشأن اليمني، يرون بأن اللقاءات التي عقدتها مؤخراً شخصيات في الحكومة «الشرعية» بينهم رئيس الوزراء في حكومة الرئيس هادي أحمد عبيد بن دغر، مع الجانب التركي اعتيادية وتوظيفها أو تحميلها أكثر من ذلك أمر مبالغ فيه يندرج في سياق المماحكات السياسية؛ فتركيا الغارقة حتى أخمص قدميها في الملف السوري؛ بالإضافة إلى معركتها «المفتوحة» في عفرين الكفيلة بإشغالها عن الخوض في صراعات المنطقة الأخرى التي تنأى أنقرة عن التدخل المباشر فيها حفاظاً على علاقاتها الجيدة مع دول المنطقة، وإن بدرجات متفاوتة؛ وكلفة ذلك اقتصادياً عليها حال توسّعت وتمددت باتجاه الجزيرة جنوبا وصولاً إلى باب المندب.
غير أن ذلك يمكن أن يُقرأ من زاوية مقابلة تماماً؛ فتركيا التي يواجه تدخّلها في عفرين السورية معارضة عربية وخليجية واضحة، تريد هي الأخرى استخدام الأوراق المتاحة أمامها بهدف الضغط الموازي على التحالف العربي بقيادة السعودية وفرصة سانحة لتصفية حاسبها مع الإمارات العربيّة المتحدة بعد التراشق الإعلامي الأخير بين الجانبين.
على المكشوف
قراءة النيات، الحاضر في قلب مشهد ملفات المنطقة المتفجّرة يبدو منطقيّاً في ظل تواتر أحداثها المتسارعة وتشابك المصالح وتنافرها وتبدّل التحالفات والولاءات في آن؛ فقطر التي كانت حاضرة الجبل في نهم ومأرب اليمنية ضمن دول «التحالف» لحولين كاملين سرعان ما فُطِمت و قلبت للتّحالف ضهر المجن مفعّلة تحالفاتها القديمة الجديدة علناً آخذة بكلّ ما أوتيت من قوّة الى ضرب محيطها الخليجي مع إدراكها الجازم بأنها بذلك ربّما تقطع جذع الشجرة الذي تقف عليه بحسب محللين سعوديين.
ويردُّ مقربون من نظام الحكم في قطر بأن دول «التحالف العربي» بقيادة السعوديّة وأبوظبي هما من استعدتا قطر بداية وقطعتا العلاقة معها، وأن ما تقوم به الدوحة لا يخرج عن كونه ردة فعل طبيعية للدفاع عن النفس.
تخبّط!
ويرى عسكريون جنوبيون أن «تكثيف تحرك القيادات الإصلاحيّة في حكومة هادي باتجاه تركيا جاء بعد هزيمتها العسكرية في عدن لصالح المجلس الانتقالي وتفكيك ألويتها وترسانتها العسكرية؛ متوازياً وسقوط أوراق سياسية، وأمنيّة أخرى كانت تراهن عليها من بينها استمرار ابتزازها للتحالف ماديّاً وعسكريّاً وسياسياً» ضمن الترتيب مع الدوحة لمشروع كبير كان يجري التحضير له بالتنسيق الكامل مع دول إقليمية، من أهم مخرجاته الذهاب إلى عقد تسوية منفردة مع «الحوثيين»، ومن ثم التمكين الكامل لتلك الدول للدخول عبر مظلة «الشرعية» إلى عدن وبقية المناطق المحررة بعناوين عريضة؛ ولأجل ذلك شرعت أطراف في «الشرعية» إلى تنفيذ ذلك المخطط عبر وزيرين جرى تعيينهما حديثاً.
غير أن التنفيذ الفعلي لذلك المشروع كان يتطلب ضرورة بداية السيطرة على المنافذ البحرية والجوية في المناطق المحررة بينها المطارات والموانئ ليسهل عبرها إدخال العتاد المطلوب الى عدن وحضرموت والمهرة تحديداً.
يشار الى أن «التحالف العربي» وأمن عدن كانا قد كشفا، مطلع يناير المنصرم، محاولات عديدة لإدخال مواد محظورة وأشخاص على ارتباط بالجماعات المصنّفة إرهابية إلى عدن، على شكل مساعدات إنسانية تديرها جمعيات يصنفها «التحالف» بـ«المشبوهة»، وبالتنسيق الكامل مع جمعيات وقيادات في الداخل بحسب تلك المصادر.
فتح قنوات للمناورة
وفي المحصّلة، فـ«الشرعية» تسعى إلى فتح قنوات يمكنها المناورة من خلالها لتخفيف الضغط الذي يمارسه «التحالف» عليها لإعادة ضبط إيقاعها بما يتناغم وأهداف تدخله في اليمن.
ويذهب المحللون العسكريون إلى أن «اللجوء المعلن للشرعية باتجاه محور قطر تركيا طهران، يشير إلى أن الهوّة بينها والتحالف آخذة في الاتساع»، ليرشح السؤال هنا عن مدى جدية الدوحة وأنقرة في الوقوف مع إدارة هادي في وجه «التحالف العربي»بقيادة المملكة، خاصة وأن الدولتين لا تملكان إمكانية الحضور العسكري في اليمن أو حتى إمكانية دعم وجود هادي الهش على الأرض شمالاً وجنوباً، في حال حمي الوطيس. وما مواجهات عدن التي خسرتها حكومته بقضّ ألوية حمايتها الرئاسية وقضيضها؛ الإ نذير مقدّم عمّا يمكن أن تحمله لها رياح المستقبل، إن هي فكرت في «خيانة» السعودية ومن خلفها الإمارات، وباقي دول التحالف.
وتحمل الأيام المقبلة متغيّرات يقول مطلعون إنها ستعيد ترتيب الصفوف والتحالفات من جديد وفقاً لحسابات جديدة.

 

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com