عين اليمن على جنوب اليمن

حكومة الاوهام.. بقلم/ محمد عبدالله الموس

حكومة الاوهام.. بقلم/ محمد عبدالله الموس

مضى رمضان ولم يتغير في الحال شيء بالمطلق، كنا نسمع مقولات من نوع ستنفرج الأزمات لكنه كان نوع من التخدير القادم إلينا من مدرسة الفساد الأشهر، مدرسة عفاش الأب الروحي لكل المساوي، وطبيعي أن يكون الأمر كذلك، فالقائمين على أمورنا اليوم كلهم قادم من هذه المدرسة – اللعنة – وفي مقدمتهم أخينا الفاضل أحمد بن دغر، رئيس الوزراء، الذي كان جالسا في مارس 2015 خلف صالح وهو يتوعد الرئيس هادي وكل الجنوبيين بالطرد من الجنوب من خلال منفذ واحد بدلا من منفذين اتاحها لهم في 1994م، كان بن دغر يبتسم ثم فجأة (رجع شرعي)، طبعا نستثني من مدرسة الفساد السلطات المحلية في عدن وبقية محافظات الجنوب العربي الذين قدموا من خضم المقاومة الجنوبية النقية المخلصة لوطنها وشعبها بعيدا عن عصابات الفيد التي أصبحت تمتلك قصورا في عواصم العالم في زمن قياسي.

 

لا أتذكر أين قرأت قصة الحاكم واحد الرعية، لكن دعونا ننسبها للحكيم الهندي بيدبا صاحب كليلة ودمنه التي ترجمها للعربية ابن المقفع…وهي أن مواطنا ذهب إلى الحاكم يشكي ضيق مسكنه المكون من غرفة واحدة يقيم فيهاهو وأولاده  وحماته، فقال له الحاكم،، هل معك مواشي، فقال الموطن، معي عنزة وحمار وبقرة فقال الحاكم،، خذ العنزة وضعها معكم في نفس الغرفة وعد غدا لتخبرني كيف اصبح الحال.

 

عاد المواطن في اليوم التالي ليخبر الحاكم أن الحال أصبح أكثر سوء، فقال له الحاكم، إذن خذ الحمار وضعه معكم في نفس الغرفة ثم عد إلي غدا لتخبرني كيف أصبح الحال وهكذا عاد المواطن في الصباح ليخبر الحاكم بأن الأمر ساء اكثر، فقال الحاكم خذ البقرة وضعها معكم في نفس الغرفة وأخبرني غدا كيف كان الوضع، فعاد المواطن في اليوم التالي ليخبر الحاكم أن الحالة شديدة السوء.

 

قال الحاكم للمواطن، اذهب الآن وأخرج العنزة ثم أخبرني عن الوضع غدا، فعاد المواطن في الصباح ليخبر الحاكم أن الوضع تحسن قليلا ، فقال الحاكم أذهب الآن وأخرج الحمار وأخبرني عن الحال غدا، فعاد المواطن في اليوم التالي ليبشر الحاكم بأن الحال تحسن أكثر فقال له الحاكم، والآن إذهب وأخرج البقرة وأخبرني في الصباح كيف كان الحال، فعاد المواطن في الصباح ليخبر الحاكم أنه وعائلته أصبحوا في أحسن حال في غرفتهم، ولم ينس أن يقدم آيات الثناء والعرفان للحاكم على جهوده في معالجة مشكلته.

 

هذه هو ما يمكن أن نطلق عليه (العلاج بالوهم) وهو من صميم ثقافة مدارس الطغيان في الحكم (صناعة الوهم) فلو اسقطنا واقعة المواطن وعائلته  على حالنا مع  الكهرباء في عدن لوجدنا تطابق تام في الواقعتين، فقد كنا نصرخ من 3 ساعات انقطاع وساعتين تشغيل فأوصلوا ساعات التوقف إلى 5 ساعات مقابل ساعة تشغيل، ثم يبشرنا مسؤول في وزارة الكهرباء بأن وضع الكهرباء سيتحسن كثيرا خلال الساعات القادمة، يعني العودة إلى (3/2) وها نحن محلك سر، عدنا حيث كنا مع وهم تحسن.

 

(الهاو جاو) من المصطلحات الشعبية العدنية ارتبطت بالالعاب السحرية  وهي تعبير عن حالة اللا فهم، تسمع أو ترى شيء لا تفهمه، فبعض الصحف نسبت للامارات وعد ب200ميجاوات لعدن، ووزير الكهرباء، الذي ظهر مؤخرا بعد القرض الإماراتي  (انا شخصيا لا افهم لماذا الخسارة بتعيين وزير كهرباء والناس كل واحد معه ماطوره، وزير كهرباء يذكرنا بمدير موانئ ذمار)، المهم، وزير الكهرباء قال إنها 150 ميجاوات ورئيس الوزراء يقول خلال لقاءه بقيادات الجامعة أن التوليد سيكون 50 ميجاوات، هاو جاو.. صناعة الوهم.

 

الوهم كان سائدا خلال سنوات إدارة حكم عفاش، الواقع أن الوهم صناعة عفاشية، وأكبر وهم يحدث في حياتنا باستمرار هو وهم زيادة الاجور والمرتبات، مثلا، حيث يرتفع الأجر بنسبة ما يقابله طباعة ورق بنكنوت يؤدي بدوره إلى التضخم وهبوط سعر العملة، وهكذا سيظل راتبك يقابل نفس السلعة بغض النظر عن الرقم الذي تستلمه، الحديث هنا عن المواطن الغلبان مش الجماعة الذي يخزن أحدهم في اليوم بما يساوي راتب موظف في شهر.. لذلك فتغيير العقول أهم تغيير الوجوه..

 

ستغادرنا يا رمضان سريعا رغم ما عانينا خلالك من متاعب صنعها لنا الفساد المعشعش في امخاخ قادمة من مدرسة الفساد، ونسأل الله تعالى أن يعيدنا عليه والحال غير الحال، أما هو فسيعود.

ورحم الله الشاعر الكبير حسين المحضار..

 

مضى رمضان والشوق الذي في القلب لم يمضي

وفرض الصوم اديته وما أدى الوطن فرضي

ولكن با صبر برضي

على عيبة صحابي في الوطن لما تجي جودة

يا الله عسى عودة..

 

(مع الاعتذار للمحضار ومحبيه على التصرف)

عدن4/7/2016

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com