عين اليمن على جنوب اليمن

المثقفين السعوديين يودعون آخر شيوعي سعودي بترك اثرا بالغا في نفوسهم

صحف
حملت غالبية مقالات كتّاب المملكة الذين تناولوا سيرة الشيوعي الأخير طابعًا إنسانيًا عكس تأثرهم الواضح والكبير بالرجل الذي حمل فكرًا مغايرًا لما هو سائد في السعودية.
تصدرت أفكار وحياة “صالح المنصور”، الشيوعي السعودي المعروف، الذي قضى نحبه الاثنين في حادث سير مروري في العاصمة الرياض، واجهة وسائل الإعلام السعودية اليوم الثلاثاء، بعد أن اختار كثير من كتاب وإعلاميي المملكة الحديث عن آخر الشيوعيين السعوديين.
ويعد صالح المنصور، المعروف باسم أبو نضال، أقدم وأشهر شيوعيي المملكة بتبنيه فكر اليساريين الاشتراكيين بشكل علني منذ سنوات طويلة، كان فيها الجهر بالشيوعية محل نقد واتهام في المجتمع الذي يسيطر عليه الفكر الديني الإسلامي.
وتحت عنوان “نهاية رجل أحمر”، قال الكاتب والإعلامي السعودي البارز، عبده الخال، “صالح المنصور أعلن عن انتمائه الأحمر في زمن الانغلاق، فأحدث نفورا منه ومن آرائه التي كان النطق بها يعد جريمة، ويبدو أن المنصور كان مصمما على تحدي نفسه بإعلان أنه رجل أحمر، حتى بعد سقوط الماركسية”.
وأضاف الخال، في مقاله بصحيفة “عكاظ” السعودية، “صالح المنصور ظل مؤمنا بأفكاره، يعلن عنها في كل محفل، حاملا ملفات وكتبا يهديها لضيوف المؤتمرات واللقاءات الثقافية ولو استطاع اجتزاء الوقت من أي ضيف في الملتقى الثقافي، فإنه يشحذ ذاكرته للتذكير بالعهد القديم الذي تنبأ بخلاص إنسان من توحش الرأسمالية، وفي كل مرة التقيت به أجده وحيدا يسير بزيه الثابت منذ عشرات السنوات، وليس ثابتا فيه سوى ربطة العنق الحمراء”.
واختار الكاتب السعودي تركي الصهيل، لمقاله في صحيفة “مكة”، صالح المنصور كموضوع يتحدث فيه لقرائه تحت عنوان “الشيوعي الأخير .. عاش للشارع ومات فيه”، قائلاً “حتى في رحيله لم يكن اعتياديا، وكان للشارع الذي أحبه أقرب، ومات كما يموت المعدمون الباحثون عن الأمل والعمل بين ضفتي الطريق، لتكتب سيارة طائشة نهاية لرحلته مع فكر آمن به”.
وقال الصهيل في مقاله، “كثيرون ممن تعلقوا بهذه المبادئ (الاشتراكية) في تلك الحقبة أعادوا تموضعهم من جديد – أحياناً أكثر من مرة – وفقا لمعطيات الواقع الجديد، لكن صالح المنصور صمد في وجه كل المغريات، واحتفظ بقناعاته”.
وسرد الكاتب السعودي علي سعد الموسى، في مقاله بصحيفة “الوطن”، قصصاً غير معروفة عن أبونضال، وقال “رحم الله أبونضال، إذ حتى الكتابة في رحيله وتأبينه تحتاج إلى شجاعة قصوى وإلى صدر من الفولاذ لمواجهة سهام هذا المجتمع الضائق، ولو حتى بفكرة مختلفة في رأس رجل واحد من بين كل هذه الملايين”.
وأضاف في مقاله، “هو منتهى النقيضين على طرفي ذات المسطرة: النكرة الذي عاش حياة صاخبة بحبائل الأفكار ومات مجهولاً في ثلاجة المشفى، ولربما بلا بطاقة تعريف. شخص قد يستغرب السواد الأعظم من القراء الكرام وجود اسمه في العنوان، ولكنه اسم العلم المعرف الذي كان “أيقونة” ملتقيات الثقافة ومعارض المعرفة، الذي يعرفه كل مثقف ومفكر وأستاذ جامعة.
وكشف الموسى تفاصيل غير معروفة عن حياة أبو نضال، الذي كان يجمع الطعام الفائض من المطاعم مساء ويضعه أمام مساكن العمال الفقراء من الوافدين الأجانب، الذي سكن عدد منهم في مزرعته الخاصة التي حولها لمزرعة تعاونية على الطريقة الاشتراكية.
وقال الموسى، “هكذا هو أبونضال: حياة صاخبة ونهاية مجهولة. تماماً لا تشبه إلا كتاب كارل ماركس عن “رأس المال”: أشغلت الدنيا وملأت عقول الناس ثم انتهى في المتحف “الثلاجة” فلا يباع منه في اليوم الواحد حتى نسخة واحدة”.
وحملت غالبية مقالات كتاب المملكة الذين تناولوا سيرة الشيوعي الأخير، طابعاً إنسانياً عكس تأثرهم الواضح والكبير بالرجل الذي حمل فكراً مغايراً لما هو سائد في المملكة، لكنه كسب احترامهم بثباته على تلك الأفكار وعمله بها بشكل فعلي.
ارم نيوز
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com