عين اليمن على جنوب اليمن

أبين.. حمى الضنك وأخواتها كابوس في النوم واليقظة

المشهد الجنوبي الأول/ صحف

كتب فهد البرشاء (أبين) – لـ الاتحاد الإماراتية :
لا تفرق بين صغير وكبير، أو بين رجل وامرأة، تضرب بالجسد وتسري بين أوصاله، تنهكه تماماً، وتفقد صاحبة الراحة وتنزع منه العافية وتسلبها، ليغدو طريح الفراش لايقوى على الحراك.
الواحد تلو الآخر يتساقطون «صرعى» ولا يقوون على مجابهة حمى الضنك أو مقاومة أعراضها القاتلة.
انتشرت كالنار في الهشيم تأكل الأخضر واليابس، وتهلك الناس، فتخلف عيوناً باكية وقلوباً موجوعة، وشفاهاً عابسة، وأبصاراً شاخصة.
عشرات المرضى، بل مئات المرضى «تعج» بهم العيادات والمشافي وآخرون لم تسعفهم الظروف فآثروا البقاء في المنازل ينتظرون المجهول، جميعهم يشكون ذات الأعراض، وذات المشكلة، ومنها ما استطاع «الطب» أن يكشفها ويعالجها، ومنها ما عجز تماماً عن «تشخيصها» وسرعة إنقاذ صاحبها، ليكون الموت أقرب من تلك «العقاقير» المهدئة والحُقن التي «يتشبع) بها جسم المريض دون فائدة ترجى أو أمل للنجاة من هذا الوباء القاتل.
لم أتوقع وأنا بإحدى العيادات الطبية أن يتوافد المصابون بهذا الداء أفواجاً يغلفهم الوجع ويحتويهم «التعب» ويخطو أمامهم الخوف من المجهول الذي يحمله هذا «الداء» الذي بات اسمه مخيفاً ما أن يتردد على المسامع أو يتداوله الناس، أو يعرف المريض أنه مصاب به.
في إحدى العيادات «المكتظة» بالمرضى يجلس أبو محمد يسترق النظر إلى طفله الذي يئن ويتوجع ويصرخ، ويصارع آلام هذا الداء بعد أن أنهكه تماماً وأفقده نظارة وجهه وسلبه براءته وطفولته.
ينظر أبو محمد بعينين يقف الدمع في محجريهما وقد اكتسى وجهه بالأسى والألم الذي يخنق عبراته ويقتل كل كلمات المواساة والتخفيف عن طفله، وفي صمته وشروده معاناة لن تترجمها الكلمات أو تخفف منها «المضادات» الحيوية التي حُقن بها جسم طفله ذي الربيع العاشر.
يقول أبو محمد لم أتوقع أن يصل ابني لهذه الحالة المرضية التي أضحى بسببها طريح الفراش ولا يقوى على الحراك، وفاقداً للشهية حتى غدا جسده منهكاً «خاويا» وأمعاؤه فارغة.
ويضيف وهو يحاول أن يرقب أنفاس طفله ليتأكد من أنه ما زال على قيد الحياة: لم أكن أعلم أن «الحمى» التي نهوّن من أمرها ستصبح «كابوساً» مزعجاً يقض مضاجعنا ويدمر فرحتنا بطفلنا الوحيد الذي أقعدته الحمى تماماً حتى بات على شفير الهلاك.
تركت أبا محمد وهو يرقب طفله تارة، ويسرح بأفكاره تارة أخرى، لعله يجد في هذا الشرود وحالة الضياع التي يعيشها «حلا» لوضع طفله الصحي، وتركت العشرات مثله يصارعون داء حمى «الضنك» وأخواتها من «الحميات» المجهولة دون أن يجدوا بداً للخلاص منها أو من آثارها وتأثيرها على حياتهم.
الوباء الذي بات منتشراً في بعض مناطق محافظة أبين ويهدد حياة الآلاف من المواطنين، وينذر بفاجعة إن لم تتدارك الجهات المعنية في وزارة الصحة أو مكتبها بالمحافظة الأمر وتضع حلولاً جذرية لهذه الأوبئة وتجتث شأفتها وتجفف منابعها، قبل أن تغدو مناطق المحافظة موبوءة بحمى «الضنك» وأخواتها.
ويقول الدكتور صالح علي الطلي ضابط الترصد الوبائي بمدينة العين محافظة أبين: نواجه هذا الوباء منذ ما يقارب أشهر، حيث وصل إلينا عدد كبير من المصابين الذين تنوعت إصاباتهم ما بين حمى «الضنك» وحميات أخرى لا تقل فتكاً.
ويضيف وهو منهمك في إسعاف إحدى الحالات المصابة بهذه «الحميات»: بلغ عدد المصابين في مدينة العين ومناطقها أكثر من «مئة» حالة خلال الشهرين الماضيين، مما يؤكد أن هذه «الحميات» تنتشر بسرعة جنونية وكبيرة بين مختلف فئات العمر دون تحديد.
ويقول: الوباء يتصف بصداع شديد، وألم خلف العينين، وآلام عضلية ومفصلية، وحمى تصل إلى 38 درجة مئوية. ويقول: الوباء وصل إلى أعلى درجاته وأخطر مراحله، بل إنه في تزايد مستمر ومخيف خصوصاً أن معظم المناطق تفتقر للكثير من الخدمات الطبية ومقومات العمل الصحي الصحيح، لا سيما في ظل انتشار «البعوض» ومستنقعات المياه، ومخلفات الحيوانات، وكذا تلوث المياه الجوفية جراء سقوط الأمطار وجرف السيول للكثير من الميكروبات والطفيليات والفيروسات إلى آبار المياه وباطن الأرض، وعدم مكافحة هذه العوامل المؤدية للوباء من قبل جهات الاختصاص في المحافظة. صحة المحافظة وبحسب محمد مزاحم تقوم برصد الحالات المصابة وتشخيصها وإعطائها العلاجات اللازمة كحلول أولية تساعد المريض على مقاومة المرض، ناهيك عن عملية الإبلاغ لبرنامج الترصد الوبائي في المحافظة الذي عمل وبحسب مزاحم على افتتاح قسم «للحميات» في لودر وزنجبار والممول من مكتب الصحة بالمحافظة وتعهد مدير مكتب صحة المحافظة الدكتور علي منصور حنشل برفده ودعمه بالأدوية كي يعمل بشكل صحيح.
كما أكد مزاحم أن المنظمات العاملة في المجال الصحي باشرت عملها من خلال العيادات المتنقلة، كمنظمة الصحة العالمية، ولجنة الإنقاذ الدولية، والهجرة الدولية.
ويقول فني المختبرات الدكتور سالم باجمال : إن «الحميات» انتشرت بشكل كبير ومخيف بين الفئات العمرية ومن خلال الفحوصات المخبرية يتضح أن هناك حمى «ضنك» وحمى فيروسية منتشرة بكثرة. وطالب مكتب الصحة بالنزول الميداني وعمل مسح للمناطق والتأكد من أسباب هذه «الحميات» وتوفير الأدوية اللازمة لها ومعالجة أسبابها لتجنيب المواطن شرها وفتكها.
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com